فأما صفات المرشد فلابد أن يتوفر فيه ما يأتي:
1 – الصدق والإِخلاص: حيث تمثل صفة الإِخلاص حجر الأساس الذي يتكئ عليه الممارس للأعمال الإِرشادية والدعوية، وفقد هذه الصفة يمثل أول عائق في طريق الإرشاد.
{فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَا}[32].
2 – القدوة الذي يرى المرشد يؤجل ويهمل لا يمكن أن يتعلم منه النظام والجدية، والمراهق الذي يرد المرشد يدخن ويكذب ويسرق من عمله ولا يصلي لا يمكن أن يتعلم ترك التدخين والصدق والأمانة والمحافظة على الصلاة، والشاب الذي يرى المرشد مضطرب النفس سئ الخلق، لا يمكن أن يسترشد به في صحة النفس وحسن الخلق. ذلك أن فاقد الشئ لا يعطيه، وسلوك المرشد في هذه الحال يمثل عائقاً دون الاسترشاد بتوجيهاته مهما كانت المحاولة وإمكانات التخصص.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونْ، كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ}[33].
{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}[34].
وقد أدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاعلية هذه الخصلة حين كان يجمع أهل بيته فيقول لهم: ((إني قد نهيت الناس عن كذا وكذا، وإن الناس ينظرون إليكم، كما ينظر الطير إلى اللحم، فإن وقعتم وقعوا وإن هبتم هابوا، وإني والله لا أوتى برجل وقع فيما نهيت الناس عنه إلا أضعفت له العذاب، لمكانه مني، فمن شاء منكم فليتقدم ومن شاء فليتأخر[35] وهكذا فإن قوة الفعل تواكب قوة القول من حيث التأثير، لا سيما في مواطن الإِرشاد والعلاج والتربية، وقد كان عمر – بهذا السبب – فأمر الناس وينهاهم فلا يتأخر أحد عن السمع والطاعة والإِستجابة.
ومن المعلوم لدى المربين والمرشدين أن التعلم بالملاحظة (أي الاقتداء) أحد النماذج المهمة والمؤثرة والتي تفرض نفسها في الواقع، وقد أثبت جدواها في التغيير، وقد بينت دراسات عديدة، أن التلاميذ يتأثرون بسلوك معلميهم وتصرفاتهم، أكثر من تأثرهم بأقوالهم ونصائحهم فالمعلم المستجيب والمتعاون والايثاري والودود.. إلخ يزود طلابه بأنماط سلوكية هامة تسعى التربية إلى تكوينها جاهدة عن الأجيال[36].
إن التربية والإِرشاد بالقدوة الصالحة هي العماد في تقويم الإِعوجاج، وهي الباب إلى ترقية الشباب نحو الفضائل والمكرمات النبيلة والأساليب الصحيحة الحميدة.
3 – العلم: فالمرشد ينبغي أن يكون عالماً بأصول الإِرشاد والتوجيه سواء ما كان من المصادر الشرعية، أو من المراجع المتخصصة الحديثة. وكون المرشد يعرف بقلة العلم، وضحالة الإِطلاع، وإنعدام متابعة المعلومات يؤدي بالشباب إلى الإِعراض عنه، والزهادة بما عنده، فلا يقصدونه لتوجيههم وحل مشكلاتهم وحال هذا المرشد كحال من قال فيه الشاعر.
أما ذوو الجهل فارغب عن مجالسهم ((قد ضل من كانت العميان تهديه))
والعلم يمهد لقبول المرشد والأخذ برأيه والعناية بنصحه:
{قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ}[37].
4 – توفر القدرات والوسائل: وهذا جانب مكمل للعلم، فإن العلم وحده لا يكفي لإِحداث التغيير بل لابد من القدرات ووسائل التغيير، سواء كانت هذه القدرات قدرات شخصية ونفسية أو قدرات مادية وإدارية. ولذلك فإن عملية الإِرشاد قد تعاق أو تتعثر لا لفقد العلم أو الإِخلاص أو القدوة في المرشد، وإنما لفقد القدرة والإِمكانية.
(بتصرف من مبحث للدكتور عبزالعزيز النغيمشي)
1 – الصدق والإِخلاص: حيث تمثل صفة الإِخلاص حجر الأساس الذي يتكئ عليه الممارس للأعمال الإِرشادية والدعوية، وفقد هذه الصفة يمثل أول عائق في طريق الإرشاد.
{فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَا}[32].
2 – القدوة الذي يرى المرشد يؤجل ويهمل لا يمكن أن يتعلم منه النظام والجدية، والمراهق الذي يرد المرشد يدخن ويكذب ويسرق من عمله ولا يصلي لا يمكن أن يتعلم ترك التدخين والصدق والأمانة والمحافظة على الصلاة، والشاب الذي يرى المرشد مضطرب النفس سئ الخلق، لا يمكن أن يسترشد به في صحة النفس وحسن الخلق. ذلك أن فاقد الشئ لا يعطيه، وسلوك المرشد في هذه الحال يمثل عائقاً دون الاسترشاد بتوجيهاته مهما كانت المحاولة وإمكانات التخصص.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونْ، كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ}[33].
{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}[34].
وقد أدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاعلية هذه الخصلة حين كان يجمع أهل بيته فيقول لهم: ((إني قد نهيت الناس عن كذا وكذا، وإن الناس ينظرون إليكم، كما ينظر الطير إلى اللحم، فإن وقعتم وقعوا وإن هبتم هابوا، وإني والله لا أوتى برجل وقع فيما نهيت الناس عنه إلا أضعفت له العذاب، لمكانه مني، فمن شاء منكم فليتقدم ومن شاء فليتأخر[35] وهكذا فإن قوة الفعل تواكب قوة القول من حيث التأثير، لا سيما في مواطن الإِرشاد والعلاج والتربية، وقد كان عمر – بهذا السبب – فأمر الناس وينهاهم فلا يتأخر أحد عن السمع والطاعة والإِستجابة.
ومن المعلوم لدى المربين والمرشدين أن التعلم بالملاحظة (أي الاقتداء) أحد النماذج المهمة والمؤثرة والتي تفرض نفسها في الواقع، وقد أثبت جدواها في التغيير، وقد بينت دراسات عديدة، أن التلاميذ يتأثرون بسلوك معلميهم وتصرفاتهم، أكثر من تأثرهم بأقوالهم ونصائحهم فالمعلم المستجيب والمتعاون والايثاري والودود.. إلخ يزود طلابه بأنماط سلوكية هامة تسعى التربية إلى تكوينها جاهدة عن الأجيال[36].
إن التربية والإِرشاد بالقدوة الصالحة هي العماد في تقويم الإِعوجاج، وهي الباب إلى ترقية الشباب نحو الفضائل والمكرمات النبيلة والأساليب الصحيحة الحميدة.
3 – العلم: فالمرشد ينبغي أن يكون عالماً بأصول الإِرشاد والتوجيه سواء ما كان من المصادر الشرعية، أو من المراجع المتخصصة الحديثة. وكون المرشد يعرف بقلة العلم، وضحالة الإِطلاع، وإنعدام متابعة المعلومات يؤدي بالشباب إلى الإِعراض عنه، والزهادة بما عنده، فلا يقصدونه لتوجيههم وحل مشكلاتهم وحال هذا المرشد كحال من قال فيه الشاعر.
أما ذوو الجهل فارغب عن مجالسهم ((قد ضل من كانت العميان تهديه))
والعلم يمهد لقبول المرشد والأخذ برأيه والعناية بنصحه:
{قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ}[37].
4 – توفر القدرات والوسائل: وهذا جانب مكمل للعلم، فإن العلم وحده لا يكفي لإِحداث التغيير بل لابد من القدرات ووسائل التغيير، سواء كانت هذه القدرات قدرات شخصية ونفسية أو قدرات مادية وإدارية. ولذلك فإن عملية الإِرشاد قد تعاق أو تتعثر لا لفقد العلم أو الإِخلاص أو القدوة في المرشد، وإنما لفقد القدرة والإِمكانية.
(بتصرف من مبحث للدكتور عبزالعزيز النغيمشي)