موقع الدكتور صـــــالــح الجارالله الـغامدي للدراسات التربوية

تم انشاء هذا الموقع منكم واليكم ، فأنتم هنا لاضفاء التفاعل المميز خارج قاعة المحاضرات الذي يضفي تميزاً لكم من نوع آخر، فأنتم هدفنا والارتقاء بكم علميا وتربويا هو مانصبوا اليه باذن الله تعالى ، فلنكن عند حسن الظن ، ولنكن على قدر من المسئولية الشخصية لنحقق الهدف المرجو من هذا الموقع التفاعلي، مع تحياتي لكم جميعاً.


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

موقع الدكتور صـــــالــح الجارالله الـغامدي للدراسات التربوية

تم انشاء هذا الموقع منكم واليكم ، فأنتم هنا لاضفاء التفاعل المميز خارج قاعة المحاضرات الذي يضفي تميزاً لكم من نوع آخر، فأنتم هدفنا والارتقاء بكم علميا وتربويا هو مانصبوا اليه باذن الله تعالى ، فلنكن عند حسن الظن ، ولنكن على قدر من المسئولية الشخصية لنحقق الهدف المرجو من هذا الموقع التفاعلي، مع تحياتي لكم جميعاً.

موقع الدكتور صـــــالــح الجارالله الـغامدي للدراسات التربوية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
موقع الدكتور صـــــالــح الجارالله الـغامدي للدراسات التربوية

موقع الدكتور صـــــالـــح الجارالله الغامدي للدراسات التربوية


    وهم العظمة

    avatar
    عمر عقيل الزبيدي


    عدد المساهمات : 171
    تاريخ التسجيل : 03/10/2012
    العمر : 50
    الموقع : القنفذة

    وهم العظمة Empty وهم العظمة

    مُساهمة  عمر عقيل الزبيدي الأربعاء نوفمبر 28, 2012 1:31 am

    «البعض يولد عظيمًا، والبعض الآخر يحقق العظمة بنفسه، والبعض يخلعها عليه الناس..» شكسبير..

    حقًا من يصنع العظمة بجهده وتفانيه وإصراره على النجاح يستحق ثوب العظمة، ولكن رغم كل تلك العظمة تجده متواضعًا لا تغره عبارات الثناء والإطراء، بل يصد عنها كثيرًا ويرفض أن ينادى بغير اسمه فقط، ويطلب من الجميع خلع الألقاب العظيمة التي منحها له علمه، أو عمله؛ لأنه يرى نفسه فردًا استعمل عقله وحكمته التي نالها من رب العباد فأخلص العمل، وبذل الجهد فحقق هدفًا خلق لأجله، ذلك النموذج من العظماء هو من تشعر في حضرته بأنك عظيم وتزهو فخرًا بمعرفة أمثاله.

    وعلى النقيض من ذلك تمامًا ترى أشخاصًا خدعهم وهم العظمة حتى صدّقوا واهمين أنهم أفضل من غيرهم أو أعلى مكانة، فلم يُعدُّ أحدهم يستطيع الحديث إلا بتكلف يحشد له آلاف الكلمات والعبارات ناهيك عن التلميحات يشير فيه هنا وهناك إلى أنه «صاحب المجد العصامي!» ولا يهنأ له بال حتى يسمع عبارات التمجيد ونغمات التصفيق للحديث الممل الذي أُجبر الحاضرون على سماعه ربما للمجاملة أو لمتطلبات العمل أن كان رئيسًا أو مسؤولاً، تلك العظمة الزائفة لم يحققها بنفسه، بل منحها له الناس إما مغلوبين على أمرهم أو لجهلهم وسذاجتهم التي سمحت لمثله أن يسيطر على عقولهم ويوجههم كما يريد حتى يخيّل إليك في أحيان كثيرة أنهم تحت تأثير تنويم مغناطيسي، فلا رأي لهم، ولا نقاش أو جدال في كل حديث يسمعونه منه حتى لو كان مناقضًا للعقل والفطرة، ولو حاولت إيقاظهم أو فنّدت آراء شيخهم العظيم وأخضعت حديثه للتحليل والمناقشة؛ لبيان عوره وضعف حجته نالك منهم ما لا تصدق، وستفتح عليك أبواب الحروب الكلامية والكتابية والخطابية، وستصبح منشقًا أو عدوًا مندسًا يحاول زعزعة ذلك العظيم من مكانته التي نالها من تغييب عقول الكثيرين حتى نسوا أن لهم عقولاً تفكر وتحلل وتختار ما تريد. في السنوات الأخيرة ابتليت ثقافتنا بجميع أطيافها بجنون العظمة، فلا تجد رئيسًا إلا وقد لبس عباءة العظمة وتحلق حوله جوقة تردد له كل صباح أناشيد الخضوع والولاء، حتى ظنّ أنه مخلوق فريد لم تلد مثله ولادة، فتربع على عرش الغرور والكبرياء وبات يأمر فيطاع، ويطلب فيجاب، ولا نبالغ إن قلنا: إن أحدهم قد ينسى اسمه الحقيقي في زحمة الألقاب التي أنعم بها عليه المتملقون والمنافقون لغاية في نفسهم، والعاقل من ينجو بنفسه وعلمه وفكره ويترفع عن المشاركة في تلك اللعبة الزائفة، ولكن هؤلاء قلة ولعلهم يغيّرون شيئا!

    فهل نجا المثقفون والأكاديميون من فخ تلك العظمة؟

    الحقيقة المؤلمة أنك لن تجد -إلا بعدد أصابعك- مثقفًا أو أكاديميًا خلع رداء العظمة ومضى إلى عمله متفانيًا غير مهتم بقشور لن تفيده في تحقيق أهدافه التي رسمها لخدمة دينه ومجتمعه، بل كلّنا يجزم أنه لا يوجد لدينا أستاذ في مدرسة أو أكاديمي في جامعة يقبل أن يناديه طلبته باسمه منفردًا غير مسبوق بألقاب تعارف عليها المجتمع وأصبحت ضرورة تحدد مقدار خلقك وتهذيبك، وإن نسيت يومًا أو أخطأت ودعوت أحدهم باسمه فأنت قد ارتكبت جرمًا كبيرًا ستنال عقابك عليه، وهذه الظاهرة امتدت حتى بين زملاء العمل فأنا دكتور وأنت معيد، أو أنا مدير وأنت موظف، لذا عليك أن تحرص على تقديم عبارات العظمة قبل اسم الشخص الذي تعمل معه!

    وعليك أن تحذر في أي محفل علمي أو ثقافي من أن تنسى تخصيص المقاعد الأمامية لهؤلاء العظماء وإلا قاطعوا المؤتمرات والندوات وأعلنوا استنكارهم لما تعرضوا له من إهانة وتجاهل لمكانتهم العلمية، فإن فتشت في سيرة هؤلاء الواهمين لم تجد غير أبحاث مكررة يتغير عنوانها ويبقى مضمونها واحدًا، عجبًا لهؤلاء كيف يصنعون عظمتهم من خيوط واهية تخولهم للاستعلاء على الآخرين؟

    ولا تلبث وأنت تتصفح الجرائد اليومية أن تقرأ خبرًا هنا وتنويهًا هناك من المفكر الكبير، والكاتب الفريد، والشاعر النابغة، والشيخ الجليل بأنه لم يدع إلى ذلك المؤتمر أو تلك الندوة وأن ذلك يعود -ربما- لشيء في نفس المنظمين والقائمين على ذلك النشاط!

    فيتبادر إلى ذهنك سؤال: كيف ينتظر هؤلاء دعوة لحضور نشاط يُعدُّ من صميم اهتماماتهم، كيف نفسر ذلك إن لم يكن وهم العظمة؟

    شيء غريب، أين هؤلاء من خير البشر محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي لم يرو عنه أبدًا أنه سمح لأحد بتعظيم اسمه، أو الوقوف له، أو تخصيص مكان خاص به، بل كان عليه الصلاة والسلام يجلس بين أصحابه يفترش الأرض معهم، ويحادثهم ويمازحهم ويزورهم، ويتودد إليهم مبتسمًا بشوشًا ضاحكًا، وكان يدعو الله أن يحشره في زمرة المساكين، سبحان الله العظيم! لقد نسوا الله فأنساهم أنفسهم حتى بنوا لهم بيتًا كبيت العنكبوت..

    وأخيرًا، ما دفعني للكتابة عن ثقافة الاستعلاء هو قراءتي لخبر صحفي يفيد باستقبال أحدهم استقبالاً حافلاً في إحدى الدول وكأنه موكب فريد، لماذا؟ سؤال دار في ذهني كثيرًا على الرغم من وجود كثير من الملاحظات على كتب ذلك الشخص، إنها العظمة التي منحها الناس له إما لجهل وسطحية فكرهم أو هي ثقافة قصّرنا في معالجة أخطائها حتى أصبحت متجذرة في كثير من مجتمعاتنا، عزّز وجودها واستمرارها أولئك المفتونون بحب العظمة..

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 14, 2024 2:51 pm