هناك من يظن أن النجاح الذي يشار إليه بالبنان، ويدون في ذاكرة المجتمعات، هو ذاك النجاح الذي يعتمد على المواهب الذاتية والذكاء الواضح، ومن لا يملك تلك المواهب ولا ذاك الذكاء فليبحث له عن هدف يناسب قدراته.
هذه القاعدة وإن كانت بديهية عند البعض، إلا أنها لا تصمد لحظة واحدة أمام الواقع، فقد رأينا في حياتنا أناسا ــ وربما سمعنا عنهم أيضا ــ كانوا يمتلكون مواهب وقدرات عالية مع ذكاء مفرط، ثم تسأل عنهم بعد زمن، وتجد تلك الإجابة المحبطة، التي تخبرك أنه غدا موظفا في إدارة كذا، أو حتى طبيبا أو مهندسا، يتقاضى راتبه آخر الشهر ليصرفه في أوله، مع حياة رتيبة.
وفي المقابل عرفنا أناسا ــ أو سمعنا عنهم ــ لم يعرفوا بتلك الموهبة ولا هذا الذكاء، كانت لهم نجاحات باهرة، وإنجازات عظيمة، سواء كانت على مستوى العالم، أو بشكل مصغر على مستوى مدينتهم.
وإذا سألت عن سر نجاحهم، تجد أنه لا شيء سوى ذاك..
(( الجهد المتواصل، والصبر والمصابرة، وعمل دؤوب قاموا به، تدفعهم نفوس لا تعرف الملل.))..
وإذا ذهبت لأسرد قصصا ونماذج تجسد ذلك، فإن المقام يطول، ولكن اختطف من ذاكرة التاريخ بعض الدلائل:
فهذا «تشرشل» الذي دون اسمه كأشهر قائد لإنجلترا العظمى، في أحلك ظرف في تاريخها، إبان الحرب العالمية الثانية، يقول ــ عن سر إدارته المحنكة، وانتصار دولته ــ : «الجهد المتواصل، وليس الذكاء والقوة، هو مفتاح إطلاق قدراتنا الكامنة» ..
ويسجل «أديسون» ألف براءة اختراع، توجه باختراعه للمصباح الكهربائي، ثم يقول ــ عن أسباب ذلك ــ : «إن 2% منه وحي وإلهام، و98% جهد واجتهاد».
وهذا «توني روبنز»، الرائد العالمي في التنمية البشرية وتطوير الذات، والذي استعان به الكثير من قادة العالم، يقول ــ عن تجربته تلك ــ : «وقد تبين لي من دراسة مصدر نجاح الناس: أن الإصرار يتفوق حتى على الموهبة، باعتباره المورد الأكثر قيمة وفعالية في خلق وتشكيل نوعية الحياة».