إن اضطرابات المزاج هي من الأمراض العصبية والنفسية التي تصيب الناس كافة وفي جميع الأعمار .
تحتل حالات الاكتئاب المركز الأول من بين هذه الاضطرابات من الكثرة الإحصائية كما أن النساء يأخذن النصيب الأكبر من هذه الأمراض وأن ذروة الإصابة في هذه الحالات عندهن هي في الأعمار ما بين الثلاثين والأربعين .كثيرا ما يشتكي المصاب بمرض الاكتئاب من الإحساس بالنرفزة أو العصبية الزائدة وانعدام الاستمتاع بأشياء وأعمال كانت في السابق مركز اهتمام ومتابعة عند المريض كما يكون المريض منزعج من التعامل مع من يحيط به سواء بالعمل أو بالبيت ويفضل الخلود إلى الوحدة والعزلة ويجد نفسه متضايقا من الأنوار والاجتماعات الصاخبة .
إن التفكير عنده يصبح مشوشا وتغلب عليه طابع السلبية وانعدام الصواب في اتخاذ القرارات وماله من تأشيرات مستقبلية غير محمودة .
وتصل شدة المرض أحيانا إلى مرحلة أن الإنسان يلوم نفسه على كل خطأ أو فشل أو مشكلة تحصل معه أو تمس عائلته أو تخل في عمله ونجاحه.
إن أعراض الاكتئاب كثيرة ومنها ما يظهر على شكل آلام جسمية وتعب وقلة تحمل للأعمال المجهدة وضعف قد يصل إلى درجة عدم القدرة على الاستحمام وتسريح الشعر .
وكثيرا ما يكون انعدام القدرة على التفكير والشرود الذهني بالإضافة إلى الصداع من الدوافع الأولى للذهاب إلى الطبيب . على أنه من أكثر مشاكل الاكتئاب الغير محسوسة هي التأثير على طبيعة العلاقة بين المريض وزوجه وبين المريض وأهلة لدرجة أنه يصبح أحيانا عبئا عظيم الثقل على الآخرين الذين يحيطون به .
إن جهل الأهل والأصحاب بطبيعة هذه الحالات يجعل تعاملهم مع المصاب بالاكتئاب تعاملا فيه انعدام للرحمة وقسوة وفظاظة لا تفيد إلا بتأخير المساعدة وطلب النجدة للمريض وتقليل فرصة التحسن وسرعة الشفاء .
إنه من الضروري أن يوسع الإنسان ثقافته الطبية لتشمل أمورا غير تلك الواضحة للعيان إنني أعني بذلك الحالات المرضية العصبية النفسي التي تحتاج إلى عين بصيرة ويد خبيرة في تشخيص الداء ووصف الدواء.