في واقعنا المعاصر نرى بأن "التقنية" بأدواتها المختلفة من حاسبات وفضائيات وجوالات وألعاب إلكترونية وشبكات عنكبوتية قد أصبحت جزءاً "لا يتجزأ" من حياة الكثير منا ان لم يكن الجميع وخصوصا من الشباب والصغار, حتى أصبح البعض يرى بأن الاستغناء عنها والعيش بدونها ضرب من "الخيال" هذه الأدوات "الحضارية" المتجددة والمتغيرة جعلت من العالم المترامي قرية صغيرة؛ حيث سهلت التواصل بين الشعوب, ويسرت الحصول على المعلومة, و مكنت من الاطلاع على آخر مستجدات الأخبار وقت حدوثها. وفي المقابل فإنها أثرت تأثيراً "سلبياً" على المجتمع, خصوصاً على فئة الشباب والصغار منهم. حيث إن إنكباب الشباب والفتيات على مطالعة القنوات الفضائية لفترات طويلة, والحديث في الجوال لساعات متواصلة, واستخدام الانترنت بشكل مفرط, أدَّى إلى تقليل – وأحياناً انعدام – التواصل الأسري بين أفراد الأسرة الواحدة, كما أدى إلى ميل الشباب إلى العزلة والوحدة وتفضيل "العوالم الافتراضية" على الواقع. فأصبح للشاب أو الفتاة عشرات الأصدقاء "الافتراضيين" الذين يتواصل معهم الكترونيا عبر وسائل الاتصال الاجتماعية المختلفة, كما أصبحت الشخصيات الكرتونية والممثلين والفنانين الذين يراهم ليل نهار على شاشات الفضائيات هم "القدوة" و "المثل الأعلى" حتى بات يقلدهم في مظهرهم, وطريقة كلامهم, بل حتى "سلوكهم"! فنشأ لدينا "جيلا جديدا" بدأ يقلل من اهمية التواصل الأجتماعي, وبدأ يتحلل من عادات المجتمع وتقاليده, ويقبل على ثقافة "الآخر" أياً كان مذهبه أو فكره. فعاداتنا المستمدة من إرثنا الإسلامي المجيد التي كنا نفخر بها بالأمس القريب, ونعتبر تعلمها وممارستها من المسلمات والبديهيات, أصبح يراها فتياننا وفتياتنا قيودا عليهم وضرباً من "التأخر"؛ فصلة الرحم وزيارات الأقارب أصبحت "تدخلناً في شؤون الآخرين" ويكتفى برسالة جوال في المناسبات وإكرام الضيف أصبح "مظهراً من مظاهر الإسراف والتبذير" ومضيعة للوقت والاحتشام أصبح "تخلفاً " والتحدث بخلط العربية بغيرها أصبح "سلوكا حضاريا"! هذه التحولات الديموغرافية أثرت تأثيراً مباشراً على النشء وجعلته يتمرد على المجتمع الذي يعيش فيه شيئاً فشيئاً. ولا أبالغ إذا قلت أنه إذا ما استمر الحال على ما هو عليه فقد نجد أن العالم أصبح "دولة الكترونية", يتقارب سكانها عبر هذه الأجهزة ويتقاسمون ثقافة مشتركة! لكنها ستكون دولة بلا هوية ولا انتماء ولا طعم ولا رائحة! ويبقى دور اولياء الأمور الذي بات شبه مفقود حاليا بالاضطلاع بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم,والجلوس معهم ونقل خبراتهم وعاداتهم وتقاليدهم لهم وان يكونوا قدورة لهم في تعديل سلوكياتهم التي بدأت تؤثر فيها التقنية والأتصال بالمجتمعات الأخرى وكذلك مراقبة أبنائهم ومتابعة طريقة استخدامهم لوسائل التقنية المختلفة, كما يجب أن يقوموا بتوعيتهم بشكل مستمر بالجوانب الإيجابية والسلبية لهذه الأجهزة والأدوات, وأنها سلاح ذو حدين, متى ما أحسنّا استخدامها فأنها ستعود علينا بالمنافع العظيمة وسنحصل من خلالها على العلوم المفيدة, وستوفر علينا الكثير من الوقت والجهد, وستجعلنا نسير في ركب الحضارة دون "خسائر". والعكس من ذلك عند الأستخدام السيئ لها . فهل سنأخذ من التقنية "غثَّها وسمينها" أم سنقوم بتمحيص ما نتلقَّاه لنأخذ منها ما يعزز دورنا الإيجابي في هذا العالم ونجعلها وسيلة تسهل علينا عمليات البحث ومواصلة التقدم العلمي والفكري ؟ أترك الإجابة لك اخي القارئ الكريم.
التقنيات الحديثة وأثرها على المجتمع
عمر عقيل الزبيدي- عدد المساهمات : 171
تاريخ التسجيل : 03/10/2012
العمر : 50
الموقع : القنفذة
- مساهمة رقم 1
التقنيات الحديثة وأثرها على المجتمع
في واقعنا المعاصر نرى بأن "التقنية" بأدواتها المختلفة من حاسبات وفضائيات وجوالات وألعاب إلكترونية وشبكات عنكبوتية قد أصبحت جزءاً "لا يتجزأ" من حياة الكثير منا ان لم يكن الجميع وخصوصا من الشباب والصغار, حتى أصبح البعض يرى بأن الاستغناء عنها والعيش بدونها ضرب من "الخيال" هذه الأدوات "الحضارية" المتجددة والمتغيرة جعلت من العالم المترامي قرية صغيرة؛ حيث سهلت التواصل بين الشعوب, ويسرت الحصول على المعلومة, و مكنت من الاطلاع على آخر مستجدات الأخبار وقت حدوثها. وفي المقابل فإنها أثرت تأثيراً "سلبياً" على المجتمع, خصوصاً على فئة الشباب والصغار منهم. حيث إن إنكباب الشباب والفتيات على مطالعة القنوات الفضائية لفترات طويلة, والحديث في الجوال لساعات متواصلة, واستخدام الانترنت بشكل مفرط, أدَّى إلى تقليل – وأحياناً انعدام – التواصل الأسري بين أفراد الأسرة الواحدة, كما أدى إلى ميل الشباب إلى العزلة والوحدة وتفضيل "العوالم الافتراضية" على الواقع. فأصبح للشاب أو الفتاة عشرات الأصدقاء "الافتراضيين" الذين يتواصل معهم الكترونيا عبر وسائل الاتصال الاجتماعية المختلفة, كما أصبحت الشخصيات الكرتونية والممثلين والفنانين الذين يراهم ليل نهار على شاشات الفضائيات هم "القدوة" و "المثل الأعلى" حتى بات يقلدهم في مظهرهم, وطريقة كلامهم, بل حتى "سلوكهم"! فنشأ لدينا "جيلا جديدا" بدأ يقلل من اهمية التواصل الأجتماعي, وبدأ يتحلل من عادات المجتمع وتقاليده, ويقبل على ثقافة "الآخر" أياً كان مذهبه أو فكره. فعاداتنا المستمدة من إرثنا الإسلامي المجيد التي كنا نفخر بها بالأمس القريب, ونعتبر تعلمها وممارستها من المسلمات والبديهيات, أصبح يراها فتياننا وفتياتنا قيودا عليهم وضرباً من "التأخر"؛ فصلة الرحم وزيارات الأقارب أصبحت "تدخلناً في شؤون الآخرين" ويكتفى برسالة جوال في المناسبات وإكرام الضيف أصبح "مظهراً من مظاهر الإسراف والتبذير" ومضيعة للوقت والاحتشام أصبح "تخلفاً " والتحدث بخلط العربية بغيرها أصبح "سلوكا حضاريا"! هذه التحولات الديموغرافية أثرت تأثيراً مباشراً على النشء وجعلته يتمرد على المجتمع الذي يعيش فيه شيئاً فشيئاً. ولا أبالغ إذا قلت أنه إذا ما استمر الحال على ما هو عليه فقد نجد أن العالم أصبح "دولة الكترونية", يتقارب سكانها عبر هذه الأجهزة ويتقاسمون ثقافة مشتركة! لكنها ستكون دولة بلا هوية ولا انتماء ولا طعم ولا رائحة! ويبقى دور اولياء الأمور الذي بات شبه مفقود حاليا بالاضطلاع بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم,والجلوس معهم ونقل خبراتهم وعاداتهم وتقاليدهم لهم وان يكونوا قدورة لهم في تعديل سلوكياتهم التي بدأت تؤثر فيها التقنية والأتصال بالمجتمعات الأخرى وكذلك مراقبة أبنائهم ومتابعة طريقة استخدامهم لوسائل التقنية المختلفة, كما يجب أن يقوموا بتوعيتهم بشكل مستمر بالجوانب الإيجابية والسلبية لهذه الأجهزة والأدوات, وأنها سلاح ذو حدين, متى ما أحسنّا استخدامها فأنها ستعود علينا بالمنافع العظيمة وسنحصل من خلالها على العلوم المفيدة, وستوفر علينا الكثير من الوقت والجهد, وستجعلنا نسير في ركب الحضارة دون "خسائر". والعكس من ذلك عند الأستخدام السيئ لها . فهل سنأخذ من التقنية "غثَّها وسمينها" أم سنقوم بتمحيص ما نتلقَّاه لنأخذ منها ما يعزز دورنا الإيجابي في هذا العالم ونجعلها وسيلة تسهل علينا عمليات البحث ومواصلة التقدم العلمي والفكري ؟ أترك الإجابة لك اخي القارئ الكريم.